توصل الدكتور ديفيد هافيس، من جامعة ويسكنسن - ماديسون الأمريكية، بعد دراسة أجراها على أربعين امرأة متطوعة، تم اختبار قدراتهن الانفعالية أثناء القراءة، أن إبر الـ«بوتوكس»رغم أنها تقضى على التجاعيد وتعيد الشباب، لكنها تسبب تبلدا فى الفهم، وتقلل الذكاء ومعدلاته، كما أنها تسبب بطئا فى الإحساس بالحزن أو الغضب أو السعادة أيضا، كما اتضح من الدراسة انها تبطئ من سرعة تعبيره الشخص عن مشاعره قبل وبعد حقن منطقة الجبين القريبة من العينين بالـ«بوتوكس»،حسبما ذكر موقع هيلث داى الأمريكى.
وأكد "هافيس" أنه بعد تجارب عديدة أظهرت النتائج أن النساء بعد حقن مناطق معينة من وجوههن بالـ«بوتوكس» وغياب التجاعيد، أظهرن تكاسلا فى فهم ما يقرأن، وبَدَيْن أكثر تبلدا فى التعبير عن الإحساس بالانفعال.
الـ«بوتوكس» هو الاسم التجارى لمادة «بوتيولينيوم توكسين»، المفردة الأولى هى اسم البكتيريا التى تستخرج منها هذه المادة، والثانية تعنى «السم» بالإنجليزية. وبالتالى فنحن نتحدث عن نوع من السموم يستخرج من بكتيريا تسمى «كولسترديوم بوتلينيوم»، ويعتبر عمليا من أقوى أنواع السموم المعروفة حتى اليوم. ومع ذلك فقد اعتمد طبيا استخدام هذه المادة فى العلاجات الإنسانية وللقضاء على التجاعيد، بجرعات صغيرة، منذ ما يقارب عشرين سنة، كون هذه الكميات المدروسة التى يتم حقنها بمقدورها أن تشل العضل المستهدف بعد مدة تتراوح بين يوم وثلاثة أيام، ويستمر مفعولها لثلاثة أو أربعة أشهر دون أن تترك أثرا سلبيا على الإنسان. لكن دراسة الدكتور هافيس وفريق عمله فى جامعة ويسكنسن - ماديسون، ستستدعى المزيد من الأبحاث، وتثير الهواجس حول مدى ما أشيع لغاية الآن حول ما يسمى «معجزة البوتوكس» ومفاعيله السحرية.
ولإجراء الدراسة طلب من أربعين امرأة أن يقرأن 60 جملة، عشرون منها تبعث على السرور، وعشرون أخرى تثير الحزن، بينما العشرون جملة الأخيرة تؤجج الغضب، وكان على كل امرأة أن تكبس على زر كلما انتهت من قراءة جملة وفهمها.
وبعد حقن منطقة الجبين القريبة من العينين بالـ«بوتوكس» بأسبوعين أعاد هافيس وفريق عمله التجربة مع النساء أنفسهن بقراءة جمل مشابهة، وتبين أن النساء احتجن إلى وقت أطول لفهم ما يقرأن، يصل إلى نحو ربع الثانية، حين يتعلق الأمر بالجمل التى تستدعى الغضب أو الحزن. وتبين أن قدرتهن على فهم الجمل انخفضت بنسبة خمسة إلى عشرة فى المائة، بينما لم يؤثر الـ«بوتوكس» الذى تم حقنه فى مناطق التعبير عن الانفعالات السلبية حصرا على تفاعل النساء مع الجمل التى تثير مشاعر إيجابية.
وتشرح الدراسة العلاقة بين الـ«بوتوكس» وهذا التغير الذى يطرأ على السلوك، بأن أخاديد الوجه على اتصال عصبى بالدماغ. شل العضل، وبالتالى محو التجعيدة وتعطيل قدراتها، يقطع الصلة بينها وبين الدماغ أو على الأقل يعيقها. فهناك ما يشبه الدائرة العصبية التى تربط بين لغة الوجه الصادرة عن تجاعيده ومناطق خاصة فى الدماغ مسؤولة عن الحزن والفرح، والتفاعل بين التجاعيد وما يصدره العقل من أحاسيس سلبية أو إيجابية، يجب أن تبقى مستمرة كى لا يصاب الإنسان بشيء من التبلد والبلاهة.
وتقول مجلة «Cervo & psyco» الفرنسية فى عددها الأخير إن دراسات عدة قبل تلك التى قام بها ديفيد هافيس أثبتت العلاقة الحيوية والأكيدة بين التجاعيد المعبرة عن الحزن والفرح والمناطق الخاصة بهذه المشاعر فى الدماغ. وكانت دراسة لعالم الأعصاب الألمانى أندرياس هنينلوتر قد أظهرت العام الماضى أن النساء اللواتى حقنت جباههن بالـ«بوتوكس» أظهرن برودة فى انفعالاتهن السلبية (حزنا أو غضبا) نسبة إلى نساء لم يتعرضن لاستخدام المادة نفسها،وتبين ان النساء اللواتى يلجأن إلى محو تجاعيد وجوههن بالـ«بوتوكس» يجدن صعوبة أكبر من غيرهن فى التعاطى الاجتماعى وفى التعبير عن أنفسهن. ويحدث أحيانا أن يقعن ضحية سوء فهم الآخرين، بسبب غياب تعابير الوجه الكافية التى تشير إلى أحاسيسهن تجاه أشخاص يتعاملن معهم.
الكاتب: مروة محمود إلياس
المصدر: موقع اليوم السابع